في ألبومه الأول "مرسم".. هادي مُعمر يسمع العالم ويحول صوته إلى موسيقى
هادي مُعمر، بعد مسيرة طويلة في إنتاج الموسيقى لنجوم المنطقة، يقرر تقديم نفسه في “مرسم” بدون أي أصوات خارجية.

يقدم لنا هادي معمر ألبومه الموسيقي الأول "مرسم"، يتكوّن من 15 مقطعًا موسيقيًا، موزّعة على جزئين، كأنها رحلة صوتية تعكس كيف يسمع هادي مُعمر العالم من حوله ويحوّله إلى موسيقى. رحلة تبدو كاستدعاء للذكريات، تعود بنا إلى زمن الأسطوانات والأشرطة التي كانت تُقسّم إلى وجهين.
البنية والتطوّر
الجزء الأول يبدو كمدخل للرحلة، حيث تبرز الإيقاعات السريعة، والبيانو المشحون بالعاطفة، إلى جانب انتقالات موسيقية تمنح مساحة لعينات صوتية خفيفة، وآلات حية مثل العود، وكورال شعبي يُعيد إلى الأذهان روح وسط البلد، فنرى استحضارًا للذاكرة الجماعية، لكن بصياغة حديثة.
أما الجزء الثاني، فهو أكثر تجريبية وكسرًا للقوالب التقليدية. يمزج بين الأناشيد الصوفية والإيقاعات الإلكترونية الراقصة، ويضع آلة الكمان في مواجهة مباشرة مع الأصوات الإلكترونية، كما يستعيد أصواتًا تُشبه موسيقى ألعاب الفيديو القديمة. هذه التجربة لا تقتصر على الموسيقى فقط، بل تحاول إعادة تشكيل الأصوات المألوفة في قوالب جديدة وغير متوقعة.
النغمة والتكرار
البيانو يظهر كعنصر أساسي في الألبوم، فهو كالخيط الذي يربط بين الأجزاء المختلفة. يعود بأشكال متعددة: أحيانًا يحمل حزنًا، وأحيانًا حُلمًا، وفي أوقات أخرى يبدو كذاكرة تطفو على السطح. هذا التكرار يمنح الألبوم ترابطًا واضحًا رغم تنوّعه.
البُعد الثقافي والسياسي
تظهر في الألبوم مشاهد صوتية تُشير إلى فلسطين، وأصوات من شوارع القاهرة، بالإضافة إلى تعاون مع الفنان زياد نابلسي، الذي أضفى بُعدًا يُضع التجربة في سياق أوسع. الألبوم لا يعبّر فقط عن تجربة شخصية، بل ينتمي إلى ثقافة كاملة من الصمود والذاكرة، وينقل مشاعر ورسائل باستخدام الوسائل المتاحة.
الهوية الموسيقية
في هذا العمل، يعمل هادي كمؤلف صوتي، يبتكر لوحات موسيقية باستخدام عينات وتسجيلات وطبقات صوتية متنوعة. لا يبحث عن "أغنية ناجحة" أو "ضربة جماهيرية"، بل يبني شيئًا يشبه الرحلة المفتوحة للتأمل، تجمع بين التناقضات: فوضوية وهادئة، لعوب وحزينة، شرقية وغربية.
العينات الصوتية - السامبلز
استخدم هادي مجموعة واسعة من العينات الصوتية، مأخوذة من أعمال عاش معها الناس طويلًا، وكلمات من أغاني معروفة سابقًا. هذا ما ساعد على خلق حالة من الترابط والنوستالچيا، تُدخل المستمع إلى الرحلة الموسيقية بكامل جهوزيته.
في "مرسم"، يعيد هادي مُعمر اكتشاف نفسه بعد سلسلة من النجاحات التي شارك فيها مع فنانين من مصر وخارجها. هذه المرة، يطلب من المستمع أن يركّز على الموسيقى، ويخوض معه رحلة شخصية، تقرّبه منه وتضعه في قلب مشهد موسيقي جديد يسعى لأن يكون جزءًا من تشكيل ثقافته.
Trending This Week
-
Aug 29, 2025